كشفت المؤسسات المعنيّة بقضايا الأسرى الفلسطينيين، اليوم الثلاثاء، تفاصيل حول ظروف استشهاد الأسير معتز أبو زنيد (35 عامًا) من مدينة دورا جنوب الخليل، جنوبي الضفة الغربية، بعد يومين من استشهاده في سجون الاحتلال بمستشفى (سوروكا) الإسرائيلي، في الثاني عشر من الشهر الجاري، جرّاء الإهمال الطبي المتعمّد.
وبحسب بيان صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، فإن إفادات وردت من أسرى محررين كانوا برفقة أبو زنيد خلال الاعتقال، أكّدت "أن الشهيد بدأ يعاني من الإصابة بمرض (الجرب – السكايبوس) قبل عدة أشهر، ومع مرور الوقت ورفض إدارة السجن تقديم العلاج له، تحول الجرب إلى دمامل لها رائحة كريهة جدًا، وبدأت تظهر انتفاخات في الأطراف، مع نقصان حاد في الوزن، واستمر تدهور وضعه الصحي إلى أن فقد القدرة على تناول الطعام، والوقوف، وقضاء حاجته".
وتابع البيان على لسان إفادات الأسرى: "إن أجزاءً من طبقة الجلد (للأسير أبو زنيد) بدأت تسقط على فراشه، وبقينا نطالب الإدارة مرات عديدة بنقله إلى المستشفى، دون استجابة. وفي تاريخ 4 كانون الثاني/ يناير، فقد الوعي، وبعد يومين نُقل إلى المستشفى، ثم علمنا أنه دخل في غيبوبة".
ويقول يوسف الشرحة، أحد أقارب الشهيد أبو زنيد، لـ"العربي الجديد"، "إن الشهيد لم يكن يعاني سابقًا من أي أمراض جلدية أو مزمنة، وهو أمر موثّق بوثائق طبية قبل دخوله السجن". مؤكدا أن أبو زنيد تم اعتقاله قبل نحو عام ونصف، في يونيو/حزيران 2023، ومنذ ذلك الحين تعرض لإهمال طبي ممنهج داخل السجون الإسرائيلية، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية وصولًا إلى استشهاده، رغم أنه كان يتمتع بصحة جيدة وبنية جسمانية رياضية عند اعتقاله.
ويوضح الشرحة أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية أبلغت العائلة بموافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تشريح جثمان الشهيد بهدف الكشف عن ظروف وملابسات استشهاده. وأشار إلى أن العائلة قررت المضي قدمًا في المسار القانوني من خلال توكيل محامٍ متخصص لمتابعة القضية، بالإضافة إلى التنسيق مع المؤسسات الحقوقية المعنية بشؤون الأسرى وحقوق الإنسان للضغط من أجل الكشف عن تفاصيل استشهاده وتسليم جثمانه للعائلة.
ويقول الشرحة: "إن العائلة علمت بتدهور الوضع الصحي للشهيد مطلع الشهر الجاري، بعد أن تم نقله إلى مستشفى (سوروكا)، حيث كان يعاني من انخفاض شديد في وزنه وصل إلى 30 كيلوغرامًا فقط". مضيفا أن العائلة وكلت محامٍ لمتابعة ظروفه الصحية، وحاولت عبر القنوات القانونية ترتيب زيارة له في المستشفى، إلا أن إدارة السجون الإسرائيلية رفضت ذلك.
ويشدد الشرحة على أن العائلة لم تكن على اطلاع دقيق على توقيت استشهاده، مشيرًا إلى أن الاحتلال تعامل مع الأمر بتعتيم كامل، ومنع وصول أي معلومات عن ظروف اعتقاله أو علاجه. وقال: "قد يكون أبو زنيد استشهد مطلع الشهر الجاري أو قبل أيام قليلة، لكننا لم نتلقَّ نبأ استشهاده رسميًا سوى قبل يومين فقط". وأضاف أن الشهيد كان قد أصيب سابقًا برصاص الاحتلال في يده قبل 19 عامًا، وسبق أن اعتقل لمدة سبع سنوات داخل السجون الإسرائيلية، موضحا أنه متزوج ولديه طفل وُلد عبر عملية "زراعة أطفال الأنابيب" خلال فترة اعتقاله، ورغم ذلك لم يُتح للشهيد فرصة رؤية طفله.
واعتبر البيان المشترك الصادر عن هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، اليوم الثلاثاء، أن ما جرى مع المعتقل أبو زنيد جريمة طبية ممنهجة، كان الهدف منها تصفيته كما جرى مع العشرات من المعتقلين الذين ارتقوا منذ بدء حرب الإبادة، والبالغ عددهم 55، وهم المعلومة هوياتهم فقط. وأضاف البيان: "حالة المعتقل أبو زنيد ليست الحالة الوحيدة التي تتم تصفيتها من خلال الجرائم الطبية الممنهجة، ومنها تعمد إدارة السجون توفير عوامل انتشار مرض (الجرب – السكايبوس) بين صفوف الأسرى. وتتعمّد منظومة السجون عدم توفير النظافة والتهوية، وسحب الملابس من الأسرى، وحرمانهم من أبسط أدوات التنظيف. كما أن ضعف المناعة الذي أصاب الأغلبية العظمى منهم بسبب جريمة التجويع ساهم في تفاقم المرض مع العديد من الأسرى".
وأشار البيان إلى أن مرض الجرب لم يتوقف انتشاره في السجون حتى اليوم، وهناك عشرات الشهادات لأسرى أصيبوا بالمرض، تعكس الكيفية التي حولت بها منظومة السجون الإسرائيلية المرض إلى أداة لتعذيب الأسرى وقتلهم.
ووصل عدد الشهداء بين صفوف الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة في السابع من أكتوبر 2023 حتى الآن، إلى (55) شهيدا المعلومة هوياتهم فقط، وهذا العدد هو الأعلى تاريخياً لتُشكّل هذه المرحلة المرحلة الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة منذ عام 1967، ليرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة المعلومة هوياتهم منذ عام 1967 إلى (292)، علماً أن هناك عشرات الشهداء من معتقلي غزة رهن الإخفاء القسري.
والشهيد أبو زنيد هو المعتقل الإداري الخامس الذي يرتقي في سجون الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة. ووفق هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، فإن أعداد الأسرى لشهر يناير/كانون الثاني 2025، لا تشمل المعتقلين كافة من غزة، حيث إن إجمالي الأسرى أكثر من 10400، بينما الأسيرات حتى تاريخ 9/1/2025 بلغ 85 أسيرة، بينهن أربع أسيرات من غزة، معلومة هوياتهن، والأطفال ما لا يقل عن (320)، بينما المعتقلون الإداريون (3376) بينهم نحو (95) طفلاً و(22) أسيرة، واما من وصفهم الاحتلال بـ"المقاتلين غير الشرعيين" فعددهم (1886).
