مخاوف العجز المالي تمنح سندات آسيا الناشئة دفعة غير متوقعة

منذ ٦ ساعات ١٠

في ظل تزايد القلق من تفاقم العجز المالي، يتجه المستثمرون نحو وجهة غير تقليدية: سندات الأسواق الناشئة في آسيا. فبينما تعاني السندات الحكومية طويلة الأجل في الاقتصادات المتقدمة من ضغوط نتيجة تصاعد المخاوف بشأن مستويات الإنفاق العام، برزت السندات الآسيوية خياراً مفضلاً، مع تراجع عوائدها وتزايد الإقبال الأجنبي عليها، في وقت شهدت مزادات السندات في الولايات المتحدة واليابان ضعفاً في الطلب.

وبحسب ما ذكرت "بلومبيرغ"، ترى ييفي دينغ، مديرة المحافظ في شركة "إنفيسكو" في هونغ كونغ، أن دولاً عدة في آسيا لم تلجأ حتى الآن إلى سياسات تحفيزية واسعة رغم توقع تأثرها بالرسوم الجمركية، كما أنها تواصل الالتزام بأهداف عجز مالي معتدلة، ما يعزز من جاذبية سنداتها. هذا التوجه يعكس تحولات ملحوظة في الأسواق العالمية خلال العام الجاري. ففي إبريل/ نيسان الماضي عندما اهتزت سندات الخزانة الأميركية على وقع مخاوف من الرسوم الجمركية، شبّه وزير الخزانة الأميركي الأسبق لورانس سامرز سلوك هذه السندات بتقلبات ديون الأسواق الناشئة.

اليوم، يفضّل المستثمرون العودة إلى السندات الناشئة الحقيقية. نتائج المزادات الأخيرة تؤكد هذا الزخم. فقد سجلت إندونيسيا في أوائل يوليو/تموز أعلى طلب على سنداتها منذ عام 2020، بينما حققت تايلاند نسبة تغطية قياسية في إصدار سندات لمدة 30 عاماً. كما شهد إصدار مماثل في ماليزيا خلال يونيو اهتماماً كبيراً من السوق. 

ووفقًا لبيانات "بلومبيرغ"، انخفضت عوائد سندات الأسواق الناشئة خلال العام الماضي، على عكس نظيراتها في الدول الكبرى التي شهدت ارتفاعاً. كذلك، تراجعت كلفة التأمين على هذه السندات - المقاسة بعقود مقايضة مخاطر الائتمان - بشكل لافت مقارنة بتلك في الدول المتقدمة، خاصة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رسوم "يوم التحرير". وكتب المحلل كينيث هو من "غولدمان ساكس" أن الدول الآسيوية الكبرى ما زالت تحتفظ بتصنيفات ائتمانية قوية، مستفيدة من احتياطيات عملات أجنبية مرتفعة، وتعرض محدود للديون الخارجية، وتوازن جيد في حساباتها الجارية.

انضباط مالي... وبيئة جاذبة

لا يقتصر تميز أداء هذه الأسواق على الجوانب المالية فقط. فعوائد سندات الأسواق الناشئة لا تزال أعلى مقارنة بالولايات المتحدة وغيرها، ويقل فيها المعروض من السندات، بينما تُظهر بعض بنوكها المركزية قدرة أوضح على التعامل مع التضخم، ما يسمح لها بخفض أسعار الفائدة في وقت لا يزال فيه الاحتياط الفيدرالي الأميركي متردداً. كما أن انخفاض قيمة الدولار الأميركي بنحو 8.5% هذا العام حفز المستثمرين على التوجه نحو السندات المقومة بعملات أخرى.

لكن الأهم هو تحسّن السلوك المالي في الأسواق الناشئة، حيث أظهر العديد منها التزاماً بالضبط المالي. فعلى سبيل المثال، ارتفع العجز في الموازنة الأميركية من 3.7% في 2022 إلى 7.3% العام الماضي، بينما سجلت آسيا الناشئة انخفاضاً طفيفاً إلى 6.7% وفق صندوق النقد الدولي. ويقول راجيف دي ميلو، مدير المحافظ في "غاما لإدارة الأصول"، إن العديد من هذه الدول تجنبت تبني سياسات توسعية قائمة على العجز، كما ساعدت سياساتها النقدية والمالية المنضبطة في احتواء التضخم وفتح الباب أمام خفض الفائدة، وفقاً لـ"بلومبيرغ".

ويُسجل تحسن نسبي أيضاً في بعض الأسواق خارج آسيا. فرومانيا، على سبيل المثال، نجحت في إصدار سندات باليورو والدولار بعد إعلانها عن خطة تقشفية عززت من ثقة المستثمرين. أما الأرجنتين، فقد استعادت الفائض في ميزانيتها الأولية بفضل إجراءات تقشفية قادها الرئيس خافيير ميلي. ومع ذلك، تظل آسيا هي الساحة الرئيسية لتحركات المستثمرين حتى الآن، حيث جذبت كل من تايلاند وإندونيسيا وماليزيا والهند وكوريا الجنوبية ما مجموعه 34 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في سنداتها خلال الربع الثاني من العام، في أكبر تدفق فصلي يُسجل منذ عامين، بحسب بيانات "بلومبيرغ".

قراءة المقال بالكامل