عقدت اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة المال والموازنة جلسة جديدة، اليوم الاثنين، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، لمتابعة دراسة قانون إصلاح المصارف، في حضور وزير المال ياسين جابر، وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، إلى جانب عدد من النواب المعنيين والخبراء.
وأعلن كنعان عقب الجلسة إقرار المادة 5 المتعلقة بإنشاء الهيئة المصرفية العليا، التي ستتألف من غرفتين: واحدة للإجراءات العقابية، وأخرى لمعالجة أوضاع المصارف في ظل الأزمة الراهنة. وأشار إلى أن اللجنة حدّدت معايير صارمة لاستقلالية أعضاء الهيئة، أبرزها منع تضارب المصالح، ومنع تعيين من تربطهم علاقة بالمصارف، سواء عبر المساهمة أو الإقراض أو القربى أو المواقع الإدارية السابقة.
وأوضح كنعان أن اللجنة ناقشت أيضاً آلية إصلاح أو تصفية المصارف المتعثرة، التي تبدأ بتقرير من لجنة الرقابة على المصارف، يرفع إلى الهيئة المصرفية العليا التي تقرر تبنيه أو رفضه مع تقديم تبرير واضح، كما جرى إقرار اعتماد تقييم مستقل للمصارف يرتكز على معايير دولية، إضافة إلى تحديد معايير التعثر التي تشمل مخالفة القوانين وعدم الالتزام بمتطلبات السيولة أو ترخيص العمل، ولفت كنعان إلى أن اللجنة ناقشت كذلك أدوات المعالجة المعتمدة دولياً، مثل الإنقاذ الداخلي وإعادة الرسملة.
وفي ما يتعلق بالمادة 14، أعلن كنعان تعليق مناقشتها نظراً لارتباطها الوثيق بقانون معالجة الفجوة المالية، مؤكداً أن تنفيذ قانون إصلاح المصارف يبقى معطّلاً في ظل غياب هذا القانون. واعتبرت اللجنة بالإجماع أن عدم إحالة الحكومة لقانون الفجوة المالية يشكل "انتهاكاً صريحاً لتعهداتها"، وأنهت اللجنة الجلسة بإقرار المادة 15 المتعلقة بشروط خروج المصارف من وضعية "قيد الإصلاح"، على أن تُستأنف الاجتماعات صباح الخميس المقبل لمتابعة مناقشة باقي مواد القانون.
تأتي هذه المناقشات في سياق الجهود التشريعية المبذولة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي اللبناني الذي يواجه واحدة من أعمق الأزمات في تاريخه، بعد الانهيار المالي الحاد الذي بدأ عام 2019، والذي أدى إلى تجميد ودائع اللبنانيين، وانهيار سعر صرف الليرة، وعجز المصارف عن الوفاء بالتزاماتها.
ويُعد قانون إصلاح المصارف أحد أبرز شروط صندوق النقد الدولي للمضي في برنامج إنقاذ مالي للبنان، إلى جانب قوانين أخرى أبرزها الكابيتال كونترول وقانون إعادة هيكلة الدين العام، وخصوصاً قانون الفجوة المالية، الذي يحدّد كيفية توزيع الخسائر بين الدولة والمصارف ومصرف لبنان والمودعين.
وكانت الحكومة قد تعهّدت في خطتها المالية بتشريع هذه القوانين جزءاً من خارطة الطريق المطلوبة من المجتمع الدولي، لكن التأخير المستمر في إقرارها، خاصة قانون الفجوة المالية، يثير مخاوف بشأن حماية أموال المودعين وإمكان تحميلهم القسم الأكبر من الخسائر. في هذا السياق، يُشكّل قانون إصلاح المصارف خطوة أساسية لتنظيم عمليات التصفية أو إعادة الرسملة، ووضع معايير واضحة لتحديد المصارف القابلة للاستمرار من غيرها، بما يسمح بفرز القطاع وضمان شفافيته في المرحلة المقبلة.
