يُشكّل "تسليح" العملات الأجنبية (FX Weaponization) مشكلة متزايدة لمديري احتياطيات البنوك المركزية، مما يمنحهم دافعاً أكبر لتعزيز حيازاتهم من الذهب. ووفقاً لمسح أجرته مجموعة "يو بي إس" شمل نحو 40 بنكاً مركزياً الشهر الماضي، ارتفعت نسبة المديرين الذين يعتبرون التسليح الجيوسياسي لاحتياطيات العملات الأجنبية خطراً استثمارياً، ارتفاعاً حاداً إلى 49% عام 2025، مقارنة مع 32% العام الماضي، بعدما بلغت 14% عام 2023.
وفي هذا الصدد، تنقل "بلومبيرغ" عن الخبير الاستراتيجي للبنوك المركزية في "يو بي إس لإدارة الأصول" فيليب سلمان، قوله: "أصبحت المخاطر الجيوسياسية الآن بارزة جداً في دراستنا" مضيفاً أنّ الذهب كان الرابح الأكبر في ظل سعي المؤسسات إلى التحوّط من المخاطر التي تُشكّلها الصراعات وتدهور العلاقات بين بعض الاقتصادات الكبرى. وتُعدّ مشتريات البنوك المركزية دافعاً رئيسياً لارتفاع أسعار الذهب الذي شهد تضاعفها منذ أواخر عام 2022.
وقد ازدادت وتيرة الشراء بعد تجميد احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية، بما يُبرز جاذبية السبائك الذهبية بما هي أصل يصعب اقتناؤه. وساعد هذا التوجه الذهب على تجاوز اليورو باعتباره ثاني أكبر أصل في احتياطيات البنوك المركزية، بعد الدولار مباشرة.
بدوره، صرح رئيس أسواق الأصول السيادية العالمية في "يو بي إس لإدارة الأصول" ماسيميليانو كاستيلي، بأنه "يُنظر إلى الذهب بالتأكيد وسيلةً لتقليل مخاطر العقوبات، لأنه إذا اشتريت الذهب وأعدته في النهاية إلى بلدك، فسيكون من الصعب جداً استهداف هذا الأصل بالعقوبات".
كما يبدو أن عمليات الشراء ستستمر، حيث أعرب 52% من البنوك المركزية المشاركة في الاستطلاع عن رغبتها في زيادة استثماراتها في الذهب خلال العام المقبل. وتتوقع البنوك المركزية أن يُحقق المعدن النفيس عوائد أفضل من أي فئة أصول أخرى خلال السنوات الخمس المقبلة، وفقاً لنتائج الاستطلاع.
واعتُبرت قيمة السبائك الذهبية، بوصفها وسيلة تحوّط ضد الاضطرابات الجيوسياسية والتضخم، المحرك الرئيسي لزيادة مخصصات الذهب، حيث أشارت بنوك مركزية أخرى إلى رغبتها في تنويع احتياطياتها وتقليل اعتمادها على الدولار. وتُظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن حصة الدولار الأميركي من احتياطيات العملات العالمية آخذة في الانخفاض، حيث انخفضت إلى أقل من 60% من حوالي 70% في عام 2000. وكان اليورو من أكبر الرابحين من هذا التحول، حيث يُمثل الآن حوالي 20% من الاحتياطيات.
وأوضح كاستيلي أن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب سهّلت التحول عن الدولار. فقد أظهر استطلاع "يو بي إس" أن الدولار كان العملة الأكثر بيعاً من قِبل مديري الاحتياطيات خلال العام الماضي، بينما كان اليورو أكبر المستفيدين من زيادة المخصصات.
وقال: "يتساءل الناس عما إذا كان من المنطقي الاعتماد على الدولار فقط كملاذ آمن، أو ما إذا كان ينبغي عليهم أيضاً الاعتماد على السندات الحكومية وربما أصول أخرى. هذا أمر جديد". ومع ذلك، لا يوجد بديل واضح. ويتوقع معظم المشاركين في الاستطلاع أن يحافظ الدولار الأميركي على مكانته عملةً احتياطيةً عالميةً في السنوات المقبلة.
