حريق في المغرب يثير مخاوف المناطق المهدّدة رغم الخطة الاستباقية

منذ ١ شهر ٢٠

عاد شبح حرائق الغابات في المغرب بعدما التهم حريقٌ ضخم، أمس الاثنين، مساحات واسعة من "غابة هوارة"، الواقعة ضمن تراب جماعة أكزناية، القريبة من مدينة طنجة (شمال البلاد)، في وقت كثفت فيه السلطات استعداداتها خلال الأيام الماضية، لمواجهة موسم الحرائق مع حلول فصل الصيف.

واستمرّ حريق غابة هوارة أكثر من عشر ساعات، قبل أن تتمكن فرق الإطفاء من السيطرة عليه، مستعينةً بطائرات "الكنادير" المتخصّصة في إخماد حرائق الغابات. وأثار الحريق المخاوف لدى سكان المناطق المهدّدة، خصوصاً جهة طنجة - تطوان - الحسيمة.

وتُعدّ الغابات في المغرب، بحسب الوكالة الوطنية للمياه والغابات (حكومية)، فضاء طبيعيّاً مفتوحاً يتعرّض لضغوط كثيرة تؤثر سلباً في أدواره الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، إذ تزيد مخاطر اندلاع الحرائق، خصوصاً أنّ الغابات المغربية تتميز بقابليّة اشتعال مرتفعة خلال الصيف، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض رطوبة الهواء وشدة الرياح الجافة والساخنة. وهي تغطي نحو 12% من مساحة الأراضي المغربية، وتتعرّض سنويّاً لحرائق تعود في غالبيتها إلى "ممارسات بشرية غير مسؤولة".

ومع اقتراب الصيف، تسود مخاوف من أن تؤدّي موجة الحر إلى اندلاع حرائق الغابات في مناطق عديدة بالبلاد، في حين ما زالت مشاهد عام 2022 ماثلة في الأذهان. ففي ذلك العام، اجتاحت حرائق الغابات خمسة أقاليم في شمال البلاد، وقضت على آلاف الهكتارات وتسبّبت بخسائر في الأرواح.

وكانت اللجنة المديرية للوقاية ومكافحة حرائق الغابات، التابعة للوكالة الوطنية للمياه والغابات، قد كشفت في منتصف مايو/أيار الحالي، عن خطة استباقية بتكلفة 16مليون دولار أميركي لتفادي اندلاع الحرائق وحماية الغطاء النباتي والغاباتفي حين أعلنت الوكالة الوطنية للمياه والغابات توفير وسائل للحد من اندلاع الحرائق، من خلال تعزيز دوريات المراقبة للرصد والإنذار المبكر، فضلاً عن استراتيجية التدخل المبكر وحملات التوعية، وإصدار النشرات والبيانات التحذيرية بشأن مخاطر حرائق الغاباتوخلال عام 2024، بلغ عدد حرائق الغابات المسجّلة في المغرب، وفق المعطيات الرسمية، 382 حريقاً التهم 874 هكتاراً، مسجّلاً تراجعاً بنسبة 82% مقارنة بعام 2023.

وبحسب رئيس جمعية "المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ" بالقنيطرة، مصطفى بنرامل "هناك عوامل عدة ساهمت في انخفاض عدد الحرائق في المغرب عام 2024، يمكن تلخيصها في الظروف المناخية المواتية واستراتيجية التدخل المبكر الفعالة، إلى جانب الجهود المستمرة للتوعية بمخاطر حرائق الغابات، وتعزيز قدرات تقنيي الوكالة الوطنية للمياه والغابات، والتنسيق مع الجهات المعنية".

ويشيد بنرامل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بـ"النتائج الإيجابية التي حققتها الاستراتيجية الوطنية لتدبير مخاطر الحرائق عام 2024، بفضل نقاط قوة مثل التدخل المبكر الفعال، والتركيز على الوقاية والتوعية الموجّهة للسكان المحليين وزوّار الغابات، وتعزيز قدرات الدفاع المدني، واستخدام التكنولوجيا الحديثة من أقمار صناعية وطائرات مسيّرة وأنظمة الذكاء الاصطناعي لرصد وتتبع الحرائق. في المقابل، هناك جوانب يمكن تطويرها تتعلق بنقص الموارد البشرية المتخصّصة، والاستثمار في التكنولوجيا، وتنظيم التوسّع العمراني، بالإضافة إلى تعزيز فرق الإطفاء، والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية، وتطبيق صارم للقوانين، وتشديد العقوبات بحق المخالفين ومسبّبي الحرائق".

يضيف بنرامل: "الاستراتيجية الوطنية تسير في الاتجاه الصحيح، لكن من المهم الاستمرار بتقييمها وتطويرها لمعالجة نقاط الضعف المحتملة، وضمان استدامة النجاح في الحد من مخاطر حرائق الغابات". ويتحدّث عن طرق عدة يمكنها خفض الحرائق، من بينها تعزيز الوقاية، وتوعية السكان المحليين حول مخاطر الحرائق وكيفية تجنّبها، وتضمين المناهج الدراسية برامج لتوعية الأطفال حول أهمية الغابات وكيفية حمايتها". ويؤكد "ضرورة إزالة الأعشاب الجافة والأشجار اليابسة والمواد القابلة للاشتعال بشكل دوري، وإنشاء خطوط وقاية (حواجز النار) لعرقلة انتشار الحرائق، وزيادة دوريات المراقبة في المناطق المهدّدة، خصوصاً خلال فترات ارتفاع خطر الحرائق".

قراءة المقال بالكامل